قصة : محامي الشياطين

محـامي الشياطين , اليس اسم كريه بعض الشيئ ? هل استحق حقا ان أُلقب هكذا ?

فأنا على كل حال لا اقوم الا بعملي .

ولن ادافع عن نفسي بالعبارات التي يطلقها المحاميين عادة مثل " كل انسان يستحق ان يُدافع عنه امام المحكم ولو كان وحش " 

فأنا حقيقةً لا ابالي بحقوق الشياطين ( كما يسميهم البعض ) لا ابالي اذا كنت سأخرج وحش قتل واختصب عشرة اطفال بكل وحشية من السجن 

بشرط ان تكون جيوبه مملؤة باالاموال طبعا ! 

بكل اختصار , انا ويليام كاي شاب انجليزي درس في جامعة هارفرد للحقوق وحصل على علمات مرتفعة جعلته يحصل على وضيفة في افضل دار محامات في انجلترا و الثالثة في اوروبا .

و اظن انكم فهمتم انني لست بالشخص العاطفي , بل متكبر الى اقصى درجة , لا اعترف بوجود اي قدر او حظ ,بل اعتقد ان المال هو وقود العالم , ينظم الكون كما يشاء , نعم انا اعشق المال , و بفضل شخصيتي واعتقاداتي اصبحت اهم عضو في شركتي التي تضم اكثر من 300 محامي 

تدخل ملايين الدولاراة الى جيوب الشركة بفضلي , بفضل عملي المميز .

فأذا دخلت محكمة ولو كانت كل الادلة تدل على انه متهم , سأجعله رجل حر في اقل من نصف ساعة .

انقضت الكثير من المجرمين والوحوش من المشنقة , ورغم ذالك فلا احمل اي ندم , بل اشعر بالفخر و انام ليلا مثل الطفل الصغير ..مرتاح البال تمام 

وقد تعتقدون ان رجل مثلي لن يتمتع بحياة سعيدة رغم امواله فلن يحصل على الحب ابدا 

ولكن الامر عكس ذالك , فأنا شاب متزوج بأمرأة حسناء و لدي ابنت صغيرة تحبني !

وكيف يعيشون معي رغم عملي ? ههه يا لغبائكم ..انهم لا يعلمون اصلا 

شركتي توفر لنا عدة امتيازاة , مثل المال الكثير , الرحلات المجانية , البيوت الفخمة و الاهم من ذالك : السرية التامة

فلا يعرف اسمي احد , ولن يتعرف احد على وجهي لاننا نرتدي بذلات سوداء و اقنعة بيضاء .

كم احب تلك الاقنعة , بيضاء تمام بدون اي علمات وجه , بدون اي احاسيس او مشاعر ... مثلي تمام مما يجعلني ارتاح عند ارتدائها .

يلقبونني بمحامي الشياطين , افضل محامي في انجلترا ...الوحيد الذي يقبل الدفاع عن اسوئ الاشخاص من اجل اوراق خضراء متسخة 

هذا انا , واحب نفسي وفخامة اسمي تكفي 

اليوم ايقظتني مكالمة هاتفية كنت انتظرها منذ مدة , مكالمة من الشركة تدعوني لحضور اجتماع عمل .

وكالعادة سيتم توزيع القضايا بين الاعضاء , وسأحصل على اسوأ الشياطين , ليس لانني افضل محامي فقط بل لانني قادر على حمايتهم بدون اي تردد ولن يتحرك قلبي عندي رؤية العائلاة او صور الضحايا 

وكما قيل لي على الهاتف فهناك قضايا مثيرة لالهتمام , وصعبة بعض الشيئ .

ارتديت بذلتي و ساعتي الذهبية ودخلت المطبخ كي اصنع بعض القهوة , فزوجتي تتواجد في فرنسا حاليا وهي هناك منذ يومين لحضور معرض للوحات الفنية واظن انها ستحقق نجاح بما انها رسامة بارعة .

اما بالنسبة لابنتي فهي تدرس في مدرسة داخلية مرتفعة التكاليف في ايطاليا ولن تعود حتى العطلة الصيفية .

مما سيجعلني ابقى عدة ايام لوحدي , وسيساعدني هذا على دراسة قضيتي الجديدة بكل راحة .

قاطع منبه الساعة افكاري فأنكسبت القهوة التي كنت اشربها على بذلتي , تمسكت بأعصابي و اسرعت في تبديلها وغادرة المنزل بسيارتي الجديدة .

وعند وصولي الى الشركة , كان الجو متوتر , وهو امر اعتيادي عند وصول قضايا جدد ولكنني لاحظت نوع من الارتياب في وجوه الناس و بعض الاشاعات والتكهنات حول الموكلين .

لم اضيع الكثير من الوقت فقد كنت متأخر اصلا (هي ليست من عاداتي ان اكون متأخر ) 

كان صديقي ادوارد ينتظرني امام مدخل القاعة, متوتر كالعادة , عرفت ذالك لانه يمضغ العلك , وهو يفعل ذالك دائما قبل دخول الاجتماعات ليحتفظ بهدوئه عند رؤية صور الجثث وقرأة الملفات ...وقد قلده الكثير من المبتدئين الجدد , اما انا فلا احتاج لعلكة كي اتمسك بأعصابي , بل ادخل القاعة بكأس قهوة وابتسامة جذابة .

استمر الاجتماع لاكثر من سـتة ساعات طويلة وانتهى عند سقوط الليل

وبعد ذالك خرجت مسرعا من القاعة حاملا ملف قضيتي الجديدة , كنت اول من يغادر القاعة , وخرجة من الشركة بخطوات واسعة في حالة غريبة من الغضب 

ركبت سيارتي وانطلقت بسرعة الى المنزل , وقبل ذالك توقفت عند محل لبيع الخمور واشتريت قرورة جاك دانيلز فاخرة , وخرجة غاضبا بدول تلقي صرف نقودي 

وصلت الى المنزل ودخلت الى مكتبي الخاص , جلست في مقعدي المريح بعد ان وضعت الملف فوق المكتب واحضرت كأس للشراب 

لقد فقدت اعصابي بأتم معنى الكلمة , ولم يسبق لي عيش هذا الشعور ابدا...

الشعور بالتوتر والغثيان والتردد 

وهذا ما اغضبني , حقيقة انني ابتعدت عن مبادئي ( اذا جاز تسميتها هكذا ) و برودة اعصابي وابتسامتي الساخرة .

يا لسخافتك يا محامي الشياطين ....

رميت كأس النبيذ بقوة نحو الحائط في ثروة من الغضب , فأنكسر وتدفق الشراب على لوحة رسمتها زوجتي .

لوحة كبيرة تعودة على التأمل فيها لعدة ساعات . فهي رغم بساطتها تحمل معنى كبير

فهي تمثل رجل يرتدي بذلة سوداء و قناع ابيض , ويبدو شاب لطيف و انيق للغاية , الا انه في الحقيقة ليس كما يبدو , فأذا تأملت جيدا ترى بقعة صغيرة من الدماء تحت حذائه الاسود الانيق .

فزوجتي تكره شركتي وتحملها مسؤلية الالالف من الجرائم التي تحدث كل سنة في انجلترا وهي على حق ! لها الحق في ان تكره شركتي ولو علمت انني اهم عضو فيها لكرهتني كذالك .

اخذت القرورة والملف وخرجت الى الشرفة وبقيت اشرب واتأمل في صورة هذا السفاح المضطرب عقليا الملقب بالدكتور الماسوني , واسمه الحقيقي هو الكس هارمند وهو رجل في الستة والتسعين من العمر .

اشتهر هذا الطبيب في السبعينات , فقد كان جراح موهوب بالفطرة , انقذ الكثير من الحالات الميؤسة و ادخل طرق جديدة في عالم الطب والبعض يقول انه هو من اسـس الطب الحديث

لم تكب خدماته رخيصة الثمن طبعا , ولكنها كانت تقوم بأنقاذ الكثير من الناس , ولا يجب ان تقول انني وهو متشابهان , فهو كان ينقض اناس طيبون من الموت مقابل اموال طائلة ...اما انا فأنقذ شياطين 

على كل حال فقد انتشرت بعض الاقاويل الخطيرة التتي تتهمه بالاختطاف والتعذيب و عن كونه ماسوني !

ولم تكن سوى مجرد اشاعات حتى جاء يوم انكشف فيه وظهرت الحقيقة .

فخلال كل تلك السنوات وهو طبيب جراح , كانت له بعض النشاطات الغريبة , فقد كان يقدم خدمات للاغنياء الذين يصيبهم الملل على ما اعتقد, يرسلون له رسالة تتضمن طلبهم ومبلغ مالي ضخم .

ويقوم بأختطاف احد مرضاه ليذهب به الى مخبر عمله ( الذي لم تنجح السلطة في العثور عليه ) ويقوم بتطبيق المطالب التي جائت في الرسالة على جسم الضحية وبعد ذالك يرسل الصور الى من طلبها .

ومن سؤ حظه ان خادمة عاملة في بيت اللورد جايبر فتحت الرسالة قبل ان تسلمها بسبب كونها فضولة للغاية ...واظن ان رؤية صورة رجل تم استبدال ارجله بيداه ويداه بأرجله كافية لاصابة بسكتة قلبية والموت على الفور خاصة اذا كنت خادمة عجوزة مصيبة بمرض السكري 

وبعد وصول السلطات تم العثور على الرسالة , ولم يتم اعتقال اللورد جايبر بسبب عدم وجود اي دليل ... لم يجدو سوى بعض الرموز في ضهر الرسالة , رموز لم يفهمها احد ...الا بعد مرور عدة سنوات واستطاع المحقق هيركل بوارو تشفيرها وضهرت على انها توقيع " الدكتور الماسوني " 

على كل حال فأذا كنت مضطرب عقليا وتملك الكثير من الاموال التي لا تحتاجها فسيهتم بك بكل تأكيد 

وليس من الضروري ان تكون مضطرب عقليا كي ترغب في رؤية رجل اقتلعت له اعينه لتخيط في بطنه مثلا فالانسان هكذا يحب رئية الامور الغريبة فهي تشبع روحه ...الا ان الامر الاكثر غرابة هو ان كل هذه الوحوش الذي خلقها بالجراحة ليست ميتة وهذا يعتبر امتياز ..فهو لا يلعب بالاجساد الميتة , بل يحول عباد الى وحوش ولك الحرية في اختيار شكلها اذا كانت لديك الكثير من الاوراق الخضراء المتسخة 

ولم افقد اعصابي في قاعة الاجتماع لانني لم اتحمل كل هذا , بل على العكس اُعجبت بالامر كثيرا 

الا انني ....لا استطيع ان اقبل !

.

لم اتمالك نفسي واكلمت القرورة لانام بعد ذالك مباشرة . وفي الصباح استيقظت بصداع رأس قوي , جلست في المطبخ لاتفحص بريدي الالكتروني و انا اشرب بعض القهوة , و كما توقعت فقد اغلقو حسابي البنكي مؤقتا . لانهم كما يبدو ,كانو ينتظرون مني ان اوافق على التولي بالقضية في الساعات القادمة ...الا انني لم افعل ذالك رغم انها قضية ستجعلني اكسب اكثر من $ 400.000 دولار و سَتُدخِل مبالغ ضخمة الى جيوب الشركة ولذالك فهم يحاولون الضغظ علي من خلال تهديدي بنهب كل اموالي , اعز ما امتلكه ... وشركتي ليست بالعاطفية فهي لا تقبل ان يرفض محامي قضية اُعطيت له , او ان يحاول الهرب او الاعتزال خاصة انه يشكل خطر عليها بما انه يمتلك معلومات مهمة وقد تعاقبه برصاصة في الرأس بعد ساعات طويلة من التعذيب فـ كلمتا الندم والتوبة ليست لهم اي مكان في قاموس شركتنا التي يعتبرها البعض طريق نحو جهنم . وعلى كل حال فهذه القضية هي اكبر صفقة اعطيُت الي ( والى شركتنا ) منذ بداية مسيرتي كمحامي ولن اكذب عليكم , فأنا اريد هذا المال حقا , احتاجه , اريد ان امسكه بين يدي ولكن ... اغلقت الحاسوب , وخرجة لاجلب الجريدة التي يفترض منها ان تكون امام باب منزلي الا اذا تأخر ذالك الصبي الوقح الذي يوزعها كل صباح بدراجته السخيفة . وكما اعتقدت فقد تأخر ذالك الاحمق من جديد , وبدلا من ان اجد جريدتي فكانت هناك علبة سوداء حملتها ودخلت بها الى المنزل وقمت بفتحها , ويا لها من مفاجئة جميلة !!!! مغلف تملئه اوراق بنكية طازجة ! لم اصدق ...انه مبلغ يقدر بـ 100.000 دولار تقريبا . هل هذه مزحة ? وهل هو امر مضحك ان يترك احدهم هذا المبلغ الكبير امام بابي ? الا انني تأكدت ان الامر ليس بالمضحك عندما وجدة تلك الورقة البيضاء المتسخة بين الدولاراة ...ورق يُستعمل عند الرسامين المحترفين عادة , ولا تسؤلني عن مصدر هذه المعلومة فزوجتي تطلب مني شراء هذه الاوراق دائما . وليست الغرابة في الورقة بل في ما رُسِـم عليها لا اعلم من يكون هذا الاحمق الذي يريد اللعب معي , ومن الواضح انه لا يعرف من اكون ...فلو عرف لما تجرأ بالتقدم بمزحة سيئة النوع مثل هذه ومن الغباء ان تدعوني للعب الشطرنج ...فأنا انتصر دائما 

لقد اعجبني هذا الرسم رغما عني ...لم استطع ابعاد نظري عنه, كأنه جعلني اشعر بنوع من القناعة و التشبع الروحي عند التحديق فيه . وهذا الامر جعلني اتأكد انني مختلف تماما عن ذالك العجوز الابله الذي اغرق نفسه مع سيارته في قاع المحيط... ابي ! لم اتكلم عنه ابدا اليس كذالك ? فأنا على كل حال لا احب التكلم عنه واكره ان يقارنني احد به (وهو امر يحدث دئما ) يقولون انني خليفته في عالم الحقوق وانني اصبحت ببراعته و انا (كما اظن انكم لاحظتم ذالك ) لا احب ان اقارن بأحد ,رغم ان ابي كان ـ هو الاخرـ عضو في شركتي ... و يُعتبر رمز تاريخي لها " اسطورة حقيقية " في نظر الجميع . ورغم انفي و واسراري على العكس فأنا مثله في بعض الامور, فكان رجل انيق لديه اعين زراقاء ( ورثتها عنه ) و شعر اشقر ناعم و ابتسامة ساخرة تشبه ابتسامتي بعض الشيئ الا انها ليست نفسها فأبتسامتي انا فريدة من نوعها نعم كان ابي رجل ذكي , انيق , محب للرفاهية و السياراة الفاخرة و النساء الحسنوات ... مثلي تماما , وبالاضافة الى كل هذا فكان محامي عبقري وحتى انه بعد تخرجه من جامعة هارفارد للحقوق بنتائج خيالية قام بمقاضات الجامعة وتغلب علها في المحكمة ليستعيد ضعف الاموال التي دفعها لها . تغلب التلميذ وليس على استاذه فقط بل على جامعته بأكملها و هي على فكرة احدى اكبر و افضل الجامعات في العالم (ولذالك فكان علي استخدام اسم مستعار حتى تم قبولي ...) وعلى كل حال فالامر لا يهم لانه انتحر بسبب تلك القضية التي طاردة احلامه لعدة سنوات , انا متأكد من ذالك رغم ان الشركة تقول ان سيارته سقطت من على الطريق السريع بسبب خلل ميكانيكي . و هذا الامر مستحيل لانه كان سائق ماهر وبالاضافة الى ذالك فكانت السيارة فيراري جديدة وكان يقوم بصيانتها و مراقبتها باستمرار... وهاكذا جعله الندم والشعور بالذنب ينتحر ويغرق في قاع البحر ... رحلة الى جهنم بلا عودة . لعله حجز لي مكان بجانبه هناك فقد انضم اليه يوما ما وها انا الان احدق في هذا الرسم البشع لشخص ( اذا جاز تسميته هاكذا ) مرمي على الارض , "مرمي" الا نستخدم هذا المصطلح مع الاشياء ? الا انه من الصعب ان تسمي انسان بلا ايادي ولا ارجل شخص حقيقي ( في نظري ) لا يستطيع ان يختار مصيره او ان يقوم بخياراته الخاصة وسيبقى في المكان الذي وضعته فيه طبعا. وهذا لا يزعني ابدا فلن اتدخل في امور لا تخصني الا ان ذالك الوشم الصغير على ضهره يقول لي العكس .

فكيف لا اتعرف على وشم زوجتي ايلينا ! وشم صغير للغاية لفرشة سوداء على ضهرها , وشم فريد من نوعه ولا اظن ان اي احد غيري يعلم بشأنه بسبب حجمه الصغير فلماذا رُسم على جسد هذا الشيئ ! فهل يمكن ان يكون هذا الجسد الذي لا يملك اي ارجل ولا ايادي زوجتي ? يستحيل رؤية الوجه لانه نائم على بطنه الا ان شعره الاسود الطويل وهذا الوشم ... وها انا هنا جالس على مقعدي بحيرة اتصرف كأنني لا اعلم سبب وجود هذا المبلغ الضخم وهذا الرسم الكريه امام باب منزلي , فالسبب يعود الى امر سخيف قمت به وانا مراهق ...امر حسبته مجرد لعب الا انني ادخلت نفسي في امور كان يجب علي تجنبها. يا لغبائي وانا مراهق , فقد ارسلت رسالة الى الدكتور الماسوني !!!! رسالة وضعت فيها طلبي و مال كافي ليتقبل الامر ويطبق ما جاء في رسالتي رغم قذارة الامر , واقد انتظرت ايام و اشهر وسنوات ومع ذالك فلم تصلني اي رسائل منه ولا صور , فأفترضت انه لم يرى رسالتي و انها ضاعت ولم تصله واذا كان الامر هاكذا فستجدها الشرطة ولن يشكل هذا الامر مشكلة لانها لا تحمل اسمي . واليوم وبعد عشرة سنوات تصلني رسالة بتوقيع الدكتور الماسوني تملئها الاموال و ورقة متسخة تمثل ما طلبته بالضبط !! ولكنني لم اطلب ان يطبق هذا الجنون على زوجتي ...وهل هي زوجتي حقا ? او ربما هي مزحة من احدهم حسبت المال للمرة الثانية و اكاد اقسم انه نفسه المبلغ الذي ارسلته في شبابي مع خمسة دولاراة اضافية وفي اسفل الرسالة ملاحظة قصيرة :" نتأسف على التأخر البسيط وبسبب ذالك فلن نقبل من زبوننا الكريم اي اموالا ولك بخمسة دولاراة كا اعتذار على التأخر" اظن انني لم استطع ان امنع نفسي من الضحك وبصوت عالي جعل جاك (العجوز الاحمق الذي يقطن في البيت المجاور ) الذي كان في حديقته يسمعني ونظر في وجهي بنظرته القبيحة التي تجعله يشبه لحد كبير لكلبه الغبي الذي جعل من حديقتي حمام له على كل حال دعونا من العجوز وكلبه ...نتأسف على التأخر البسيط ? هل عشرة سنوات تعتبر تأخر بسيط ? وهل يدعو كل من يرسل له رسالة يطلب فيها تحويل انسان الى كائن يثير الغثيان بـ زبون كريم ? وهل يعتقد انني سأنبطح ارضا من اجل ان امساك بخمسة دولاراة ولو كانت امام حذائي ? نعم قلت انني اقدس الاموال الا انني لست متسول مسكينا وبكل بساطة فأي من كان هذا الشخص فهو يستهزأ بي , يريد تخويفي و جعلي افقد تركيزي وقد زاد قلقي خاصة بعد ان قمت بالاتصال بهاتف ايلينا و فندقها بدون اي جدوى فلم تجيب وقال لي خادم الفندق انها غادرت الفندق منذ يومين بدون عودة ولم يبقى لي حلا سوى اللقاء بصديقي الوحيد وزميلي في الشر كة 'ادوارد ' فهو الوحيد الذي يعلم بشأن تلك الرسالة التي ارسلتها وانا مراهق وربما يكون هو صاحب هذه المزحة السيئة رغم ان الامر بعيد الاحتمال فليست من عاداته التصرف على هذا النحو و بالاضافة الى ذالك فهو رسام فظيع فمن المستحيل ان يكون صاحب هذه التحفة الفنية ...وحتى لو لم يكن هو من فعلها فأحتاج الى صديق يساعني على تجاوز هذه الفترة الصعبة ولعله يخلصني من تفاهتي التي جعلتني اعتقد انه قد حدث شيئ لزوجتي ...لعله ينجح وهاكذا فسيستعد محامي الشياطين الذي امضى الاسابيع الاخيرة كالفتاة ...جالس في المنزل طوال النهار في النوم و شرب الاطنان من المشروبات الكحولية (مثير للشفقة انا )للعودة الى الشركة بعد شهر من الغياب المستمر .

وبعد ليلة مريحة استطعت فيها ان انام بكل راحة ( بفضل دواء تناولته ) استيقظت بمزاج جيد وهو امر غريب بسبب كل الجنون الذي اعيشه حاليا و انعدام الاستقرار و النظام الذي تعودت عليه في حياتي على كل حال فقد عزمت على التحكم في زمام الامور اليوم , اخذت حمام صباحي سريع و ارتديت بذلتي ولن اكذب على نفسي فقد اشتقت اليها كثيرا واشتقت الى العمل و المحكمة ودموع العائلاة و ابتسامة المجرمين العريضة وهم يدخلون قاعة المحكمة لانهم يعلمون انهم سيصبحون احرارا يتجولون في الشوارع بعد اقل من ساعة . ولا ننسى قناعي الابيض الخالي من الشاعر الذي وضعته في محفظتي الانيقة فقد احتاجه لاحقا . وقبل ان اغادر لم انسى شرب فنجان من القهوة وليس لامر كما تعتقدون فلم يجعلني منبه الساعة اسقط الكأس والطخ بذلتي كما حدث في المرة السابقة فأنا لا اعيد نفس الخطأ اكثر من مرة . وبعد ساعة على الطريق وصلت اخيرا الى الشركة بأبتسامتي الجذابة الاعتيادية ولم يكن من الصعب علي ان الاحظ ان كل الانظار كانت متجهة نحوي . مررت من امام مكتب صديقي ادوارد و هو حقا امرا غريب انه لم يكن هناك , ولا اظن انه يحضر اجتماع في مثل هذه الساعة , ومن المستحيل ان يكون قد تأخر لانه يقطن هنا اصلا ... لا يهم , دخلت القاعة الرئيسية ويبدو انني حضرت في الوقت المناسب فقد بدأو يفكرون في التخلي عني وتكليف محامي اخر بالقضية ولن اسمح بحدوث بذالك طبعا اعطي الي قلم حتى اوقع الاوراق التي ستجعلني المحامي المسؤول عن هذه القضية بصفة رسمية ,...ترددت قليلا وسألت الميستر ساكر (رئيس الشركة الكبير ) عن مكان ادوارد اي ابنه وقال لي انه لم يراه منذ البارحة بنظرة تدل على خيبة الامل فقد شعر بأنني اريد التهرب من التوقيع الا انني في الحقيقة احتاج ادوارد , لا استطيع ان اقبل بهذه القضية قبل ان اريح قلبي بشأن تلك الرسالة التي وجدتها امام منزلي واطمأن على زوجتي اليلينا وادوارد هو الوحيد الذي يعلم بشأن تلك الرسالة السخيفة التي ارسلتها وانا مراهق فربما اجد جواب عنده . بقيت جالس احدق ببرودة في الورقة لدقائق , بينما لم تتحرك اعين الميستر ساكر من على وجهي فقال لي بصوة الاب المتعاطف الذي ينصح ابنه المحبوب , نعم فالسيد ساكر يعتبر اب حقيقي لي , فبعد انتحار ابي او موته بسبب حادث سيارة (هذا ما يريدونني ان اعتقد ) اهتم بي وكان دائما بجنبي وحتى انه فضلني قليلا عن ابنه الحقيقي ادوارد .. وهو امر عادي فالسيد ساكر مالك لشركة تقبل ان تبيع روحها من اجل اوراق خضراء متسخة , وبطبيعة الحال فكان سيفضل ان يكون له ابن بارع في الحقوق و عاشق للمال وبارد القلب وانيق حتى يعطي صورة جيدة عن الشركة (مثلي تمام ) الا انه في المقابل حصل على ادوارد الحنون صاحب القلب الكبير والاخلاق الحسنة ولكنه رغم ذالك ابنه الوحيد وبالاظافة الى هذا فهو محامي بارع للغاية وهو امر ا قد نساه السيد الكبير على ما يبدو على كل حال فقال لي : ويليام انت لن توقع تلك الورقة اليس كذاك و الجواب الوحيد الذي اتيح لي هو النظر في وجهه فقال بنفس الصوت الهادئ : اذهب وتخلص من ما يزعجك ولا تدخل هذا المكتب الا وانت مستعد تمام لتولي بهذه القضية فشكرته بتحية وعدت الى المنزل وانا اقود سيارتي بعقل شارد ( وهو امر خطير فلا تقلدوني الا اذا كنتم ببراعتي في القيادة ) وعندما وصلت الى ادراج بيتي كانت الرسالة عند الباب تنتظرني بكل وقاحة كي افتحها وتبدأ المسخرة من جديد ...

نعم ! رسالة جديدة من الدكتور الماسوني ! ونعم فقد كنت مراهق عنيد مستعد للقيام بأي شيئ كي تطبق افكاري الجنونية وقمت بأرسال عدة رسائل اخرى بمبالغ مالية اكبر راجيا ان يحقق اوامري هذه المرة ولم يفعل ذالك طبعا . اخذت الرسالة وفتحتها على الفور وكان المال كاملا مع اربعة دولاراة اضافية. اخرجت الرسم من بين الاموال , و اظن انه اراد ان يكون مباشر في التعامل معي لان تهديده هذه المرة اصبح اكثر وضوحا ...وجه ادوارد بفم مفتوح تسيل منه الدماء , كأنه يصرخ بأعلى صوته. والامر المحير ان فمه خالي من اي اسنان ولا لسان وقد اُدخلت بعض الاسنان المقتلعة في اعينه بكل وحشية . واعتقد انكم فهمتم انني كنت طفل يحب الصمت والهدوئ وهذا يفسر طلبي في اقتلاع اسنان و لسان الغير , اليس كذالك ? وهذه المرة لم يتعب نفسه بأضافة ملاحظة كما في المرة السابقة , فالاربعة دولاراة التي ارسلها تحمل الكثير من المعنى . لماذا ارسل اربعة دولاراة بدلا من خمسة كما في المرة السابقة ? ليقول علي جبانا طبعا فقد سبق ان اكد لي انني بدون قيمة وحتى انه قدرني بخمسة دولاراة واليوم انزل العداد ليصل الى اربعة دولاراة يريد مني ان ادافع عنه امام المحكمة فيهددني عن طريق اللعب بكل الاشخاص الذين يمتلكون مكان هام في حياتي كأننا في لعبة شطرنج , انا الملك الاسود و هو الابيض , ويبدو انه اكل اثنان من جنودي ولم يبقى لي سوى القليل , وقد عاقبني بالتخلص من اعز اصدقائي لانني ترددت وانا على وشك توقيع الورقة كأنه يقول عني جبان ... ولم استطع التمسك بأعصابي بل ايقضت الدنيا ضحكا و يا لها من مفاجئة فلم يكن ذالك العجوز الابله في حديقته ,يا ليته يكون قد اختطفه الدكتور الماسوني سيكون امرا رائع والافضل من ذالك ان يكون قد اخذ كلبه الغبي كذالك دخلت المنزل وقد توقفت عن المزاح والضحك فلن يكون هذا مناسب اذا كان كل هذا الامر حقيقة (وهو امر محتمل ) جلست في سريري وامضيت عدة ساعات وانا احاول الاتصال بأدوارد وزوجتي ايلينا بدون اي نتيجة و نمت والهاتف بين يداي... وفي الصباح وجدت رسالة جديدة , رسالة رسمية هذه المرة وليست من ذالك المجنون . واظن انها كانت كافية في ادخال بعض البهجة والسرور على قلبي رغم كل ما يحدث فقد كانت رسالة من اختي الكبرى ( و الوحيدة ) 'كارولين' وربما تفكرون ان ارسال الرسائل موضة قديمة فنحن في القرن الواحد و العشرين والهواتف والرسائل الالكترونية اكثر سرعة و سهولة الا ان كارولين مازالت تعيش على الاسلوب الانجليزي القديم ولم تتخلى على العاداة القديمة ومنها الرسائل . اتذكر انها كانت دائما ترسل لي رسائل لطيفة وكنت اشعر براحة كبيرة عند قرأتهم . ولكنها غيرت رقمها و انتقلت الى منزل جديد ولم تتصل بي منذ خمسة سنوات , و فقدت الاتصال معها كليا ولم احاول ايجادها احتراما لرغبتها في الابتعاد عني , فقدت الثقة في جميع من يحيط بيها بعد انتحار ابي وطلاقها بسبب خيانة زوجها و دخول اخي هاري الغبي السجن بسبب تدخله في اعمال غير شرعية وتجارة المخدرات . وهاكذا فأصبحت الشخص الوحيد الذي تثق في , والوحيد الذي بنى لنفسه حياة مستقرة وهذا قبل ان تعرف انني اعمل لنفس الشركة التي عمل فها ابي فهربت مني بدون عودة و هذه اول رسالة وصلتني منها منذ خمسة سنوات ... تدعوني فيها الى بيتها للتكلم في عدة امور يجب ان تُحل وتنسى , واعتقد ان هذه الرسالة جائت في وقتها المناسب فربما اجد حل لمشكلتي عندها رغم انني اشك في الامر .وها قد وصلت الى بيت اختي فقد كان عنوانها الجديد في رسالتها . وكما توقعت فكان منزل قديم مبني على الطريقة الانجليزية القديمة , واظن انه يعكس شخصيتها بنوع ما. ورغم انه ليس الا بيت صغير فمن المؤكد انه سيكون جميلا من الداخل بفضل براعة وحب اختي للاهتمام و تزيين البيوت فهي التي اهتمت بنا بعد موت امي و اتذكر ان رائحة طبخها الشهي كان يجذب كل سكان الحي . ولا تطلبو مني وصفة اشهى اطباقها فلن اسمح ان تتحول قصة ويليام كاي العظيم (انا ) الى كتاب للطبخ يشتريه اللواط والعجائز فلن يكون الامر مقبولا اليس كذالك ? انتظرت عدة دقائق عند الباب بعد ان قَرعت على الباب ولم يفتح احد تعجبت من الامر فلا دليل على وجود احدا بالبيت ويستحال سمع اي صوت , فكيف تدعوني كارولين على هذه الساعة ولا تكون في بيتها ? وليس من عاداتها ان تجعل اخوها ينتظر او ان تمازحه بهذا الشكل ....الا اذا حدث لها مكروه , ولكنني لا يجب ان اتسرع في حكمي فقد بدأت اصبح بتفاهة الامهات الذين يصرخون انه حدث مكروه لابنهم اذا تأخر للرجوع من المدرسة بعشرة دقائق . وكعادتها فقد كانت كارولين تضع سجاد عند الباب لانها تحرس على الحفاظ على نظافة منزلها ومن عاداتها ايضا انها تضع مفتاح تحته وقد وجدته وفتحت الباب ودخلت بخطوات هادئة متردد بعض الشيئ ولم اكن خائفا طبعا فقد دخلت في اكثر السجون رعبا في انجلترا بأبتسامة عريضة الا ان الامر غريب, فالبيت مظلم ويبدو ان الغبار قد اغرقه تمام ومن الواضح انه كان فارغ منذ عدة ايام او اسابيع....او اشهر !!! دخلت المطبخ وكانت المائدة معدة للفطور و قد وُضِعَ القدر في وسطها , فتحته فأذا بي اجد وجبتي المفضلة التي كانت تعدها لي اختي دائما , الدجاج المحشو بالأرز والخضر , ولن اكل منه الان طبعا لانه قديم للغاية ولا اظنه دجاج بل ..شيئ مختلف , ادخلت يدي في القدر لاخذ قطعة وبقيت احدق فيها وكدت اتذوقها حتى سقطت من يدي من شدة الهول , فلا شك في الامر انه لحم بشري فقد رأيته في احد القضايا لم انقضت رجل اتُهِمَ بقتل واكل ابنته الوحيدة (وقد فعل ذالك حقا ) ولكن ذالك لا يهم اظن ان اي انسان على وجه الارض كان سيتقيئ من شدة الموقف وخاصة اذا كان ذالك لحم اخته (وهو امر محتمل ) ,بل اكثر من المحتمل فهو مأكد ولكنني اعتقد انكم فهمتم انني مختلف و التفسير الوحيد الذي اجده هو ان ذالك الاحمق الذي يقول عن نفسه دكتور قد اختطف اختي منذ مدة وسرق الرسالة التي كان يجدر بها ان تصلني قبل اشهر وارسلها الي اليوم بعد ان غير تاريخ ارسالها ومن المؤكد انه اكل الدجاج الذي اعدته اختي ( فمن المستحيل ان تقاوم تلك الوجبة الشهية) ولكنه اوضح لي انه ليس بالاناني لانه اعد لي وجبة اخرى بالحم الوحيد الذي توفر عنده ! ...فقدت اعصابي ورميت القدر ارضا ( منظر يثير الغثيان ) وحطمت العديد من الاواني من شدة الغضب وحتى انني جرحت ضراعي اثناء ذالك ولاحظت وجود رسالة على الطاولة فقد كانت تحت القدر وكالعادة فقد وجدت فيها مال ولكنه وضع ثلاثة دولاراة اضافية هذه المرة , وقد شرفني بكتابة ملاحظة ساخرة كما فعل في المرة الاولى "كان عليك تذوق الدجاج فقد كان رائع " وبين الاموال كانت الوراقة هناك ... كارولين وقد فُتِح بطنها وادخل احدهم يده في احشائها ليقتلع منها كل اعضائها واحد تلوى الاخر نعم انه الدكتور يفرغ اختي من اعضائها وهي حية , مثلما تفعل بالدجاج الذي تطبخه . عدت مسرعا الى منزلي وكانت رسالة اخرى تنتظرني عند الباب . حقا انا اعيش كابوس , رسائل وصور تتبعني اينما ذهبت . واليوم فقد ارسل رسالتان فهي مناسبة خاصة اليس كذالك ? واعرف بالضبط من رُسِم في هذه الرسالة ...اخر من تبقى لي واعزهم ولذالك فلن افتحها ...لا استطيــع .

نعم اعلم ذالك , فلم يبقى الا ابنتي . ويبدو ان ذاكرة البعض ضعيفة للغاية , ولذالك فسأذكركم انني قلت في ما سبق انها تدرس بمدرسة داخلية في ايطاليا. واظن ان السفر الى ايطاليا من اجل ابنتي لم يزعجه . الا اذا ..الا اذا انها لم تذهب الى تلك المدرسة اصلا ? هل يمكن انها لم تصل الى هناك ابدا ? وانه قد امسك بها قبل ان تغادر انجلترا ? اي منذ ثلاثة اشهر اعترف انني لم اتصل بها ولم اكلمها منذ مغادرتها المنزل , و من حقكم ان تقولو علي اب غير مسؤول فلن يزعجني الامر وماذا الان يا الكس (وهو اسمه الحقيقي وقد اخبرتكم عنه سابقا يا ضعفاء الذاكرة) تبدو اقل رعبا لما ادعوك بأسمك الحقيقي ,ماذا ستفعل الان يا الكس , هل هي النهاية ?هل تعتقد انك بعد انتهائك من قتل جميع افراد عائلتي سأستسلم لك واركض كالجبان الى الشركة كي اوقع العقد واخرجك من السجن حرا ? لا لم ينتهي الامر فقد تذكرة , لقد بقيت رسالة واحدة ( نعم فقد ارسلة خمسة رسائل ) ولحد الان فلم يطبق الا اربعة وبقيت الخامسة , اشدهم قبحا و عنفا , منظر لن يتقبله العقل الانساني . وتركه حتى النهاية كي يطبقه على اعز شخص الى قبلي ...وهو...هو انا !!!! دعونا من الكذب و التواضع التافه فأنا اقدس نفسي . والسبب لا يعود الى عظامتي وتكبري انما جميع بني ادام هاكذا , يحبون انفسهم اكثر من اي شيئ , والدليل على ذالك ما يحدث عند الشعور بالخطر و الخوف وسيثبت ما اقول يوم انهيار هذا العالم الحقير واذا وصل الامر لهذه الخطورة فلا حل سوى الاستسلام وتوقيع ذالك العقد السخيف وهذا ما فعلت واظن ان الامور تسارعت بشكل غريب وها انا هنا في محكمة لندن الكبيرة بقناعي الابيض الذي يوُضع علي كأنه وجهي الحقيقي , لا مشاعر ولا احاسيس ...و جالس في مكاني الاعتيادي , هنا حيث قمت بأنقاض عشرات المجرمين , وافتخر بذالك كانت المحكمة تعج بالجماهير وهو امر طبيعي فسيحاكم اكبر سفاح عرفته انجلترا من عدة قرون والجميع يعرف ان الامر قد حُسِم منذ البداية وان الدكتور الماسوني سيصبح حرا بعد ساعات قليلة . لانه مصحوب بأفضل محامي في انجلترا . وها هو الدكتور يدخل القاعة مقيد كالكلب الهائج , وبعد ان جلس في مكانه ابتسم لي بأبتسامة تقول ان اللعبة قد انتهت وانه فاز وان خطته التي نظمها منذ البداية قد نجحت في اسقاطي الا انك مخطئ , فرغم انك تحاول ان تكون على هيئة الدكتور الحكيم وعالم في النفس البشرية فأنت مخطئ تماما , ولا تعرف اي شيئ عني , فلم تتغلب عني لانك قتلت كل عائلتي فل حقيقة انني لا اهتم بذالك , وقعت ذالك العقد لانني شعرت بالضعف , ضعف لم اشعر به طوال حياتي , لانني فقدت زمام الامور وفقدت التحكم والسيطرة على حياتي فبعد ان كنت المسؤول الوحيد عندها دخلت انت و افقدتني ثقتي بكل تلك المفاجئاة و تلاعبك التافه الا انني الان ارى انني لست انا الضعيف , فمن انت ? لست سوى صبي رأى والديه يحرقان امام اعينه بعد ان تم صلخهم من كل النواحي باستعمال سيف قاطع و رشهم بالبنزين (وهو ما جاء في الرسالة الاخيرة ) وكل هذا لان امك الرخيصة قد خانت ابوك مع نفس الرجل الذي قتلهم بوحشية لانها ندمت وارادت ان تعود الى زوجها ولم يسمح لك ابي برؤية قاتل والديك يعدم لانه انقذه من المشنقة في نفس المحكمة , ولكنه انتحر بعد ذالك بسبب الندم حقا ان هذا "الندم"قد خلف الكثير من الارواح اليس كذالك ? امرا جيد انني لا امتلكه وعلى ما يبدو فلم يكفيك انتحار ابي , فلم تشعر بالذة موته ولذالك فتريدني انا ! لا تريد موتي , تردني فقط ان احس بما شعرت به انت ! الا انك اخطئت فأنا اختلف عنك ولا اعتقد انني اشعر بأي حزن . ولم تنتهي اللعبة فما زالت لي لعبة اخيرة اطيحك بها اقتلعت قناعي ورميته ارضا , ولاول مرة يرى الجميع وجهي , لاول مرة يرون وجه محامي يعمل لصالح شركة محامات الشياطين نعم حدقو في وجهي وصوبو الكميرا نحوي فلا اخاف من احد ولو اوصلني هذا الى الطرد او حتى التهديد من الشركة فلا اهتم بقيت احدق في الكس وابتسم ابتسامتي الساخرة التي اظنكم قد تعودتم عليها , نعم يا الكس فقد طلبتني ان اختار بين الفوز بأكبر قضية في مسيرتي و اطنان من الاموال ( وهذا بحمايتك امام المحكمة ) وبين تركك لتعاقب كي انتقم بسبب عائلتي الا انني لا احتاج الى الفوز بهذه القضية لاثبت انني اعظم محامي على وجه الارض فأنا كذالك اصلا وانا لا انتقم بسبب عائلتي , انما اريد الفوز بالعبة فقط فالامر بالنسبة لي ليس الا لعبة تنتهي بشنقك فقلت "ايشاك اي مات الكس " ومشيت خارجا من القاعة وسمعت قبل ان تخطو قدمي باب المحكمة لاعود الى المنزل "...... تحكم المحكمة المتهم الكس هارمند المدعو بـ الدكتور الماسوني بـــ....." . . . . لم اسمع الباقي ولكني اظنكم تعلمون .